الجلوس صار جزءًا من حياتنا اليومية. نعمل وندرس ونتصفح ونسافر ونحن جالسون. المشكلة أن الجلوس الطويل لا يمر بلا ثمن. كثير من الناس يشتكون من آلام في الظهر بعد ساعات من العمل أو مشاهدة التلفاز. الألم قد يكون بسيطًا أو مزمنًا، وقد يبدأ كشد خفيف ثم يتطور مع الوقت. في هذا المقال سنحاول شرح الأسباب الأكثر شيوعًا بطريقة بسيطة ومباشرة.
يقدم رست من خلال هذا المقال شرحاً مفصلاً عن وسائد الظهر ووسائد المقعد ودورها في راحة الجسم.

وضعية الجلوس الخاطئة
أول وأوضح سبب هو طريقة الجلوس نفسها. كثير منا يجلس بظهر منحني أو كتفين متدليين للأمام. أحيانًا نميل على جانب واحد أو ننحني تجاه الشاشة. هذه الوضعيات تضغط على العمود الفقري، خصوصًا أسفل الظهر، وتؤدي إلى شد في العضلات المحيطة.
حتى الكرسي يلعب دورًا مهمًا. الكرسي القاسي أو الذي يفتقر إلى دعم لأسفل الظهر يجعل المشكلة أسوأ. لذلك، ليست المسألة فقط كم ساعة تجلس، بل كيف تجلس.
قلة الحركة
الجسم مصمم للحركة. عندما نجلس لساعات طويلة، يتوقف تدفق الدم في العضلات بنفس النشاط المطلوب، وتفقد المفاصل مرونتها. النتيجة هي تيبس وألم عند محاولة الحركة بعد وقت طويل.
القليل من الحركة بين الحين والآخر يكفي لكسر هذه الحلقة. الوقوف لدقيقة، المشي القصير، أو بعض التمددات قد يقلل كثيرًا من الألم.
الضغط المستمر على أسفل الظهر
أسفل العمود الفقري (الفقرات القطنية) يتحمل معظم وزن الجسم عند الجلوس. كلما طالت فترة الجلوس زاد الحمل على هذه المنطقة الحساسة. هذا الضغط المتراكم قد يسبب تهيجًا في العضلات أو حتى مشكلات في الأقراص الغضروفية على المدى الطويل.
الحل الأمثل هو استخدام وسادة دعم الظهر التي تحافظ على المنحنى الطبيعي للفقرات القطنية وتوزع الضغط بشكل أكثر توازناً. بالإضافة إلى ذلك، فإن وسادة المقعد المناسبة تقلل من الضغط على منطقة العصعص وتحسن من وضعية الجلوس العامة.
لا يعني هذا أن كل من يجلس سيصاب بمشكلة خطيرة، لكنه يفسر لماذا الألم يتكرر عند كثير من الناس في نفس المنطقة. لذلك، الاستثمار في وسادة ظهر للمكتب يُعتبر إجراءً وقائياً ذكياً لحماية صحة عمودك الفقري من التآكل المبكر.
ضعف العضلات الداعمة
العمود الفقري لا يعمل وحده. يحتاج إلى دعم من عضلات البطن والظهر. هذه العضلات تحافظ على التوازن وتوزع الحمل. لكن مع قلة التمارين وضعف اللياقة، تصبح العضلات غير قادرة على أداء دورها.
عندما تكون هذه العضلات ضعيفة، يتحمل العمود الفقري وحده العبء، ما يزيد من فرص الألم والتعب.
بيئة العمل أو الدراسة غير المريحة
المشكلة ليست دائمًا في الجسم نفسه، بل في الأدوات المحيطة. مكتب مرتفع أو منخفض، شاشة بعيدة أو قريبة جدًا، أو كرسي غير مناسب — كل هذه تفاصيل تضغط على الجسم ببطء. قد لا تلاحظها في البداية، لكنها مع الوقت تسبب آلامًا متكررة.
التوتر والشد النفسي
العقل والجسم مرتبطان. الضغط النفسي أو القلق يجعل عضلات الظهر والرقبة في حالة شد دائم. حتى من دون جهد بدني، تشعر بتوتر في منطقة الكتفين وأسفل الظهر. لذلك لا نستطيع تجاهل الجانب النفسي كأحد أسباب الألم.
الجلوس لفترات طويلة بدون وعي
أحيانًا المشكلة ليست في طريقة الجلوس أو قوة العضلات، بل في عدم إدراكنا للوقت. تبدأ العمل أو مشاهدة شيء ما، ثم تكتشف أنك جلست أربع أو خمس ساعات دون حركة. هذا وحده كافٍ لظهور الألم.
كيف يمكن التخفيف من الألم؟
لا توجد وصفة واحدة تناسب الجميع، لكن هناك خطوات بسيطة تساعد:
- غيّر وضعيتك كل نصف ساعة.
- قف وتمشَّ لدقيقة أو اثنتين.
- اضبط ارتفاع الكرسي والمكتب بحيث تكون الشاشة في مستوى العين.
- استخدم كرسيًا يوفر دعمًا لأسفل الظهر.
- خصص وقتًا لتمارين بسيطة لتقوية البطن والظهر.
- حاول تقليل التوتر عبر التنفس العميق أو الاسترخاء.
كلمة أخيرة
آلام الظهر عند الجلوس الطويل ليست قدرًا لا مفر منه. هي إشارة من الجسم تقول: “أنا متعب، غير وضعك”. السبب غالبًا خليط من عدة عوامل: وضعية خاطئة، قلة حركة، بيئة غير مريحة، وربما توتر نفسي.
التعامل مع الأمر لا يحتاج حلولًا معقدة. بعض الوعي، تغييرات صغيرة في العادات، وقليل من التمارين قد يصنع فرقًا كبيرًا.